احتفلت اللجنة الدائمة للسكان يوم الثلاثاء 25/10/2022، باليوم القطري للسكان تحت شعار "خمس سنوات على تطبيق السياسة السكانية (2017-2022) لدولة قطر: ماذا تحقق؟" والحق أننا لم نجد أي معلومات عن "ماذا تحقق؟" وهذا تقصير كبير من جهاز وظيفته الأساسية نشر المعلومات الإحصائية!

 

وكنا قد اطلعنا على (تقرير حالة سكان قطر 2019 )  الذي نبهنا إلى أن " إجراءات المتابعة السنوية لا تتيح الحكم على تحقق الأهداف بصورة نهائية، إلا بانتهاء المرحلة الخامسة والأخيرة من مراحل متابعة السياسة السكانية (2017 – 2022 )" . وها هي المرحلة الخامسة قد انتهت، واحتفلت اللجنة بذلك، لكنها لم تنشر سوى كلمات مقتضبة لا تعكس بصورة دقيقة ما تحقق وما لم يتحقق!

 

ولأن اللجنة لم تنشر سوى ( تقرير حالة سكان قطر 2019 )، فإن قراءتنا سوف تعتمد هذا التقرير وماهو متاح من احصاءات أخرى تدعم ما نريد قوله. وسوف نعرض أولاً السياسة السكانية لدولة قطر (محور السكان والقوى العاملة) ثم نتبعها بتقرير 2019 ، ونختمه بمناقشة التقرير.

 

السياسة السكانية 2017 - 2022

تنظر السياسة السكانية إلى "اختلالات التركيبة السكانية" باعتبارها "المسألة السكانية الرئيسية" التي ينبغي التدخل "من أجل معالجتها". وقد ضعت السياسة غاية قصوى هي "التحكم في معدلات النمو السكاني خلال الفترة الممتدة من 2017 إلى 2022 م بما يؤدي إلى الإصلاح التدريجي لاختلالات التركيبة السكانية".

 هذه الغاية تقوم على معادلة حسابية بسيطة هي زيادة عدد المواطنين وخفض عدد الوافدين. والسؤال هو : كيف نزيد عدد المواطنين، ونخفض عدد الوافدين؟

ترى السياسة السكانية أن (زيادة عدد المواطنين ) تتحقق بطريقين: الأول زيادة عدد المواليد وخفض عدد الوفيات . الثاني التجنيس.

ولتحقيق ذلك وضعت السياسة السكانية مجموعة من الإجراءات، تدور ثلاثة منها حول الزواج وتيسير تحقيقه وهي "استصدار تشريع لإقرار صندوق الزواج"،  و"التوسع في صالات الأفراح منخفضة التكاليف في المدن الكبرى في الدولة" و"إدخال مضامين خفض المهور وتكاليف الزواج في المناهج التعليمية". والمتوقع من هذه الإجراءات هو أن تزيد نسبة المتزوجين في المجتمع.

تستند هذه الإجراءات على فرضية تقول : (إن حصول الزواج سيؤدي تلقائياً إلى الإنجاب) وبالتالي إلى زيادة عدد المواطنين. في المقابل وضعت إجراءً يؤدي "إلى الحد من حوادث المرور" خصوصاً تلك التي تؤدي إلى الوفاة.

إضافة إلى زيادة الإنجاب وخفض الوفيات، وضعت السياسة السكانية إجراء آخر يؤدي إلى زيادة عدد المواطنين وصاغته بالعبارات التالية:" وضع معايير واضحة لمنح الجنسية القطرية للمقيمين بصورة دائمة وأصحاب الخبرات والتخصصات النادرة."

أما الإجراء الأخير لزيادة عدد المواطنين فهو "الحد من ظاهرة الإحالة للتقاعد المبكر، وإعادة تأهيل القطريين للعمل في الميادين المختلفة." وهي تفترض بهذا الإجراء أن تقاعد القطري من الوظيفة ( س) سيؤدي إلى أن يشغلها غير القطري، وهذا يؤدي إلى زيادة عدد السكان غير القطريين.

أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال أي كيف يمكن خفض عدد الوافدين ، فقد وضعت السياسة نوعين من الأهداف : مباشر وغير مباشر. بالنسبة للمباشر فإنه يتكون من شقين:

 

الأول : الحد من استقدام العمالة ، وذلك عن طريق الإجراءات التالية:

"الاحتفاظ بالعمالة الموجودة والإفادة منها في مشاريع جديدة." و"التأكد من التزام جميع الشركات والمؤسسات بضوابط استقدام العمالة من حيث العدد والنوعية." و"تسهيل تشغيل أفراد عائلات المقيمين الموجودين في قطر." و"تسهيل منح موافقات الاستقدام لعائلات الوافدين للدولة ممن يحتاجهم السوق." و"منح شركات القطاع الخاص حوافز لإحلال مواطنين محل الوافدين في القطاعين الخاص والمختلط."

 

الثاني : التخلص من العمالة الفائضة عن الحاجة وذلك عن طريق الإجراءات التالية:

"إنشاء صندوق تأمين وطني للوافدين يساهمون فيه بالإضافة إلى مساهمة أصحاب الأعمال، ويسلم المبلغ المودع فيه للعامل عند انتهاء عقد عمله."و"إجراء دراسات مستمرة للعمالة السائبة والعمالة المنزلية".و"متابعة تنفيذ الحد الأعلى المقرر للعاملين لدى الأسرة الواحدة ، ووضع رسوم إضافية على تجاوز هذا الحد." و"تعزيز الجهود الهادفة لمنع نشاط الشركات الوهمية والاتجار بالتأشيرات."  و "إجراء دراسات مستمرة للعمالة السائبة والعمالة المنزلية."

وتتوقع السياسة نتيجة لهذه الإجراءات أن يحدث:

"تراجع تدريجي في عدد المستقدمين من العمالة الوافدة "، وأن تزيد "نسبة الإناث في قوة العمل"، وأن تزيد "نسبة القطريين في قوة العمل "، و"زيادة نسبة العمالة الماهرة وعالية المهارة"، وانخفاض "أعداد المقيمين وزيادة نسبة المواطنين بين السكان" و "ترشيد الأنماط الاستهلاكية بين المواطنين"، و " الحد من الشركات الوهمية".

  

تقرير حالة سكان قطر 2019

إلى أي مدى حققت السياسة السكانية الأهداف التي وضعتها؟  يجيبنا التقرير بالتالي: إن نسبة الإنجاز تساوي 68.8% . وهي تبين أن عدد الإجراءت التي تم تنفيذها كلياً أو جزئياً ( 11 إجراء) من مجموع الإجراءات التي تمت متابعتها (16إجراء ).كما يبينها الجدول التالي:

 

 

عدد الإجراءات

نتائج متابعة الإجراءات

 

الهدف

تنفيذ كلي أو جزئي

تشريع

تخطيط

لم ينفذ

مجموع الإجراءات التي تمت متابعتها

زيادة عدد المواطنين

6

2

 

 

2

4

دعم التوجه نحو اقتصاد المعرفة

5

3

 

 

1

4

الحد من استقدام العمالة

7

3

 

1

 

5

التخلص من العمالة الفائضة عن الحاجة

4

1

 

1

 

2

العمل على توزيع متوازن للعاملين من مختلف الجنسيات على المهن والحد من تركز جنسيات معينة على بعض المهن

4

2

 

 

 

2

المجموع

26

11

0

2

3

16

 

ويضيف التقرير بياناً لـ "أهم الإنجازات التنموية التي تحققت في مجال السكان والقوى العاملة." ويحددها في أربعة انجازات :

 

1 – "تراجع معدل النمو السنوي للسكان".

السنة

2008

2011

2014

2017

2018

2019

المعدل

18.9

1.0

10.1

4.01

1.3

0.1

 

ويعزو التقرير بعض ذلك "إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة للحد من استقدام العمالة ، والتخلص من العمالة الفائضة منها عن الحاجة." 

 2 – "ارتفاع نسبة العمالة الماهرة وعالية المهارة". يبين التقرير أن نسبة العمالة الماهرة وعالية الماهرة غير القطرية قد ارتفعت من 23% لعام 2010 إلى 31% لعام 2018 . وهذا بحسب التقرير يدل "على ازدياد التوجه نحو اقتصاد المعرفة."

 3 – انخفاض معدل الإعالة العمرية". ويصفه التقرير بأنه "من أكثر معدلات الإعالة انخفاضاً في العالم." يفسر هذا الانخفاض بـ "ارتفاع معدل المشاركة الاقتصادية للسكان (15 سنة فأكثر ) والذي بلغ 88% عام 2018 ، وهو من أعلى المعدلات في العالم."

 4 – انخفاض معدل البطالة.  ويبين التقرير "تراجع معدل البطالة من (0.3%) عام 2013 إلى ( 0.1%) عام 2018 .

وبعد أن يبين التقرير تلك الإنجازات، يبرز أهم التحديات التي تواجه تصحيح اختلال التركيبة السكانية ويحددها في: انخفاض معدلات المواليد الخام لدى القطريين التي انخفضت من 29.11 عام 2014 إلى 25.30 عام 2018، وانخفاض معدل الخصوبة الكلية للمرأة القطرية من 3.9 عام 2008 إلى 2.8 عام 2018

ويطرح التقرير بناء على هذه النتائج "أولويات المرحلة الثالثة ( نوفمبر 2019 – أكتوبر 2020) " ويصفها بأنها "تحديد مبدئي" وهي :

 

1 – الإسراع في استصدار التشريع الخاص بصندوق الزواج.

2 – اتخاذ الإجراءات والتدابير المؤسسية الفاعلة وتكثيف حملات التوعية الهادفة لتشجيع القطريين على الزواج وحضهم على الإنجاب .

3 – إعادة تأهيل وتدريب الراغبين من المتقاعدين القطريين لتمكينهم من العودة إلى العمل.

4 – منح العطاءات لمؤسسات القطاع الخاص تبعاً لمدى التزامها بتحديث وسائل إنتاجها وأتممتها.

5 – تشجيع القطريين للعمل في القطاع الخاص ، للحد من الاعتماد على العمالة الوافدة.

 

محمد الخليفي

 

للإطلاع على الجزء الثاني من المقالة اضغط هنا.



الأفكار الواردة في الأوراق والمداخلات والتعقيبات لا تعبر عن رأي الموقع وإنما عن رأي أصحابها